حدثني ابن أبي ذئب - وهو أثبت الحديثين عندنا - قال أخبرني المقبري ، عن عبد الرحمن بن أبي سعيد الخدري عن أبيه قال جلسنا يوم الخندق حتى كان بعد المغرب بهوي من الليل حتى كفينا ، وذلك قول الله - عز وجل - وكفى الله المؤمنين القتال وكان الله قويا عزيزا .
فدعا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بلالا فأمره فأقام صلاة الظهر فصلاها كأحسن ما كان يصليها في وقتها . ثم أقام صلاة العصر فصلاها كأحسن ما كان يصليها في وقتها ، ثم أقام المغرب فصلاها كأحسن ما كان يصليها في وقتها ، ثم أقام العشاء فصلاها كأحسن ما كان يصليها في وقتها . قال وذلك قبل أن ينزل الله صلاة الخوف فرجالا أو ركبانا .
وكان ابن عباس يحدث يقول قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يومئذ شغلنا المشركون عن صلاة الوسطى - يعني العصر - ملأ الله أجوافهم وقبورهم نار ا
وأرسلت بنو مخزوم إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - يطلبون جيفة نوفل بن عبد الله يشترونها بالدية فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إنما هي جيفة حمار وكره ثمنه .
فلما انصرف المشركون تلك الليلة لم يكن لهم قتال جميعا حتى انصرفوا ، إلا أنهم لا يدعون يبعثون الطلائع بالليل يطمعون في الغارة . وخرجت بعد ذلك طليعتان لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - ليلا ، فالتقيا ولا يشعر بعضهم ببعض ولا يظنون إلا أنهم العدو ، فكانت بينهم جراحة وقتل ولسنا نعرف من قتل ولم يسم لنا . ثم نادوا بشعار الإسلام وكف بعضهم عن بعض وكان شعارهم حم لا ينصرون
فجاءوا إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فأخبروه فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - جراحكم في سبيل الله ومن قتل منكم فإنه شهيد . فكانوا بعد ذلك إذا دنا المسلمون بعضهم من بعض نادوا بشعارهم لأن يكف بعضهم عن بعض فلا يرمون بنبل ولا بحجر .
كانوا يطيفون بالخندق بالليل حتى الصباح يتناوبون وكذلك يفعل المشركون أيضا ، يطيفون بالخندق حتى يصبحوا .
قال فكان رجال من أهل العوالي يطلعون إلى أهليهم فيقول لهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إني أخاف عليكم بني قريظة . فإذا ألحوا في كثرة ما يستأذنونه يقول من ذهب منكم فليأخذ سلاحه فإني لا آمن بني قريظة هم على طريقكم .
وكان كل من يذهب منهم إنما يسلكون على سلع حتى يدخلوا المدينة ، ثم يذهبون إلى العالية .
فحدثني مالك بن أنس عن صيفي مولى ابن أفلح عن أبي السائب مولى هشام بن زهرة أنه دخل على أبي سعيد الخدري في بيته فوجده يصلي ، قال فجلست أنتظره حتى يقضي صلاته .
قال فسمعت تحريكا تحت سريره في بيته فإذا حية فقمت لأقتلها فأشار إلي أن اجلس . فلما جلست سلم وأشار إلى بيت في الدار فقال لي : أترى هذا البيت ؟ فقلت : نعم . فقال إنه كان فيه فتى حديث عهد بعرس فخرجنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى الخندق فكان يستأذنه بأنصاف النهار ليطلع إلى أهله فاستأذن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوما ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خذ سلاحك فإني أخشى عليك بني قريظة .
قال فأخذ الرجل سلاحه وذهب فإذا امرأته قائمة بين البابين فهيأ لها الرمح ليطعنها ، وأصابته غيرة فقالت اكفف عليك رمحك حتى ترى ما في بيتك فكف ودخل فإذا هو بحية منطوية على فراشه فركز فيها رمحه فانتظمها فيه ، ثم خرج به فنصبه في الدار فاضطربت الحية في رأس الرمح وخر الفتى ميتا ، فما ندري أيهما كان أسرع موتا ، الفتى أو الحية .
قال أبو سعيد فجئنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فذكرنا ذلك له فقلنا : يا رسول الله ادع الله أن يحييه . فقال استغفروا لصاحبكم . ثم قال إن بالمدينة جنا قد أسلموا ، فإذا رأيتم منهم شيئا فآذنوه ثلاثة أيام فإن بدا لكم بعد ذلك فاقتلوه فإنما هو شيطان .
فحدثني قدامة بن موسى ، عن عائشة بنت قدامة عن أبيها ، قال بعثنا ابن أختنا ابن عمر يأتينا بطعام ولحف وقد بلغنا من الجوع والبرد فخرج ابن عمر حتى إذا هبط من سلع - وذلك ليلا - غلبته عيناه فنام حتى أصبح . فاهتممنا به فخرجت أطلبه فأجده نائما ، والشمس قد ضحته فقلت : الصلاة أصليت اليوم ؟ قال لا . قلت : فصل . فقام سريعا – 476 – إلى الماء وذهبت إلى منزلنا بالمدينة فجئت بتمر ولحاف واحد فكنا نلبس ذلك اللحاف جميعا – من قام منا في المحرس ذهب مقرورا ثم رجع حتى يدخل في اللحاف حتى فرج الله ذلك .
وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نصرت بالصبا وأهلكت عاد بالدبور .
وكان ابن عباس - رضي الله عنه - يقول جاءت الجنوب إلى الشمال فقالت انطلقي بنصر الله ورسوله . فقالت الشمال إن الحرة لا تسري بليل . فبعث الله - عز وجل - الصبا ، فأطفأت نيرانهم وقطعت أطناب فساطيطهم .
حدثني عمر بن عبد الله بن رياح الأنصاري ، عن القاسم بن عبد الرحمن بن رافع من بني عدي بن النجار قال كان المسلمون قد أصابتهم مجاعة شديدة فكان أهلوهم يبعثون إليهم بما قدروا عليه فأرسلت عمرة بنت رواحة ابنتها بجفنة تمر عجوة في ثوبها ، فقالت يا بنية اذهبي إلى أبيك بشير بن سعد وخالك عبد الله بن رواحة بغدائهما .
فانطلقت الجارية حتى تأتي الخندق ، فتجد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - جالسا في أصحابه وهي تلتمسهما ، فقال تعالي يا بنية ما هذا معك ؟ قالت بعثتني أمي إلى أبي وخالي بغدائهما . فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - هاتيه قالت فأعطيته فأخذه في كفيه ثم أمر بثوب فبسط له وجاء بالتمر فنثره عليه فوق الثوب فقال لجعال بن سراقة ناد بأهل الخندق أن هلم إلى الغداء . فاجتمع أهل الخندق عليه يأكلون منه حتى صدر أهل الخندق وإنه ليفيض من أطراف الثوب
وحدثني شعيب بن عبادة عن عبد الله بن معتب قال أرسلت أم عامر الأشهلية بقعبة فيها حيس إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو في قبته وهو عند أم سلمة فأكلت أم سلمة حاجتها ، ثم خرج بالبقية فنادى منادي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى عشائه فأكل أهل الخندق حتى نهلوا وهي كما هي .نسيتوه تنكم